أغلى اللوحات مبيعاً لعام 2015م



من أعمال جوستاف كليمنت
هدى العمر

    لن نكون مغالين إذا قلنا إن النقد العالمي، له دوره الهام في تسويق الأعمال الفنية، إذ انه يلقي الضوء النافذ لاستطلاع ما تحت السطح من الدراسات وتحليل الأعمال، والكشف عن ميزات وأصالة العمل، وهذا يفسر الدور الحاسم الذي يلعبه الناقد هنا في تفسير المؤثرات البيئية والثقافية المحيطة بإبداع العمل الفني، بجانب معرفة الحضارة التي يصبح لها أهمية على إدراك معاني ما تطلبه العملية الإبداعية في زمن ما يرتبط ارتباطا وثيقا بأساليب فنية، ونسق متبعة تعد مرآة لعصر ما من تاريخ الفنون. غير أنه معروف للفنانين إدراك العالم بطريقة خاصة بهم التي تميز أسلوب أو اتجاه فني عن آخر. ومن هنا نستطيع استجلاء الطريق إلى عالم بيع الأعمال الفنية عالمياً ونلقي الضوء على ما وصلت إليه هذه الأعمال من مبالغ تكاد أسعارها تفوق قيمتها أغلى مجوهرات العالم للعام الميلادي الحالي.
لوحة "نساء تاهيتي" للفنان الفرنسي بول جوجان " Paul Gauguin 1848-1905" بيعت في شهر فبراير من هذا العام بمبلغ 300 مليون دولار أميركي، حسب ما ورد في جريدة " نيويورك تايمز “وتعد أغلى سعر لوحة بيعت على الإطلاق. ولم يكن جوجان الذي بدأ ممارسة الفن بالأسلوب الانطباعي ذا موهبة فذة أو انه تمتع من ريع بيع أعماله الفنية عندما كان على قيد الحياة، ولكن المؤكد أنه كان ذا أثر كبير على صياغة نظرية هامة لعبت الصدفة دورها في ظهورها وانتشارها بنزعة تعبيرية طورها بنظرية جديدة على الفنون وهي "الرمزية"، التي تؤكد على أن المظهر الواقعي للعالم المرئي ليس ذا أهمية بقدر البحث على فيما تحت المظهر وتوظيفه كرمز تشكيلي يكون أكثر دلالة من أي نسخ يقلد الأصل. كما بيعت في مزاد "كريستي "العالمي بمدينة نيويورك لوحة "نساء الجزائر" للفنان الإسباني بابلو بيكاسو "1881–1973Pablo Picasso “، بما يزيد عن مبلغ 147 مليون دولار، في مزاد كريستي من شهر مايو من هذا العام حسب ما وردت وكالة أنباء "كوارتز" الأميركية الإلكترونية، بينما عام 1997م وصلت قيمتها إلى 31 مليون دولار أميركي، أي أن هذا الارتفاع وصل إلى قيمة فلكية في خلال الثمانية عشر عاما الماضية. ولوحة أخرى لبيكاسو تدعى " الحلم" ، كانت قيمتها عام 2013 أكثر من 155مليون دولار، وبيعت هذا العام بمبلغ 157 مليون دولار، ويعد بيكاسو من الفنانين الذين حققوا ثراء منقطعا النظير من ريع بيع أعماله الفنية عندما كان على قيد الحياة، ولمَ لا وبيكاسو رائد الاتجاه التكعيبي ويعد من عباقرة رواد الفنانين العالمين.
لوحة "لاعبو الورق" للفنان الفرنسي بول سيزان " Paul Cezanne 1839-1906"، وصل سعرها عام 2011م. إلى 250 مليون دولار ، وبيعت هذا العام بمبلغ 263 مليون دولار. ويذكر أن سيزان من رواد الاتجاه التأثيري.
جاكسون بولك" Jackson Pollock 1912-1956" يعد من أشهر الفنانين الأميركيين للفن الحديث بيعت لوحته وتدعي "بولك رقم خمسة" في مزاد خاص بالولايات المتحدة الأميركية وصل سعرها لهذا العام بما يزيد عن 164 مليون دولار أميركي، بينما كان سعرها عام 2006م 140 مليون دولار.
وليام دي كونينج الفنان الهولندي الأصل "William de cooning1904-1997" أنتج مجموعة من اللوحات التي تعبر عن المرأة وحالاتها الاجتماعية وطابعها وقت اندلاع الحرب العالمية الثانية بأسلوبه التجريدي التعبيري الذي كان حديثا حينذاك بالولايات المتحدة الأميركية فجاءت أعماله هذه لتشير الى الجوانب الإنسانية والوظيفية والاجتماعية التي انعكست على نساء هذا العصر وبيعت لوحته "نساء رقم ثلاثة “عام 2006 بما يزيد على 137 مليون دولار، بينما بيعت هذا العام بمبلغ 161 مليون دولار.
وفي عام 2006م وصلت اللوحة المشهورة للفنان الأسترالي الأصل جوستاف كليمت Gustav Klimt” “1862 –1918 وتسمى "أديل" إلى مبلغ 135 مليون دولار ووصل سعرها هذا العام إلى أكثر من 158 مليون دولار.
بورتريه "وجه د. جاتشت" لوحة الفنان الهولندي الأصل فينيست فان جوخ "Vincent Van Gogh 1853-1890"الذي رسمها لطبيبه النفسي عام 1890م، وتعد دائرة الألوان والأسلوب المتبع لتنفيذ اللوحة أسلوبا فريدا من نوعه لهذا الوقت من الزمان، وتعرض هذه اللوحة تقريبا كل عام في المزادات العالمية حيث وصلت قيمتها عام 1990م إلى أكثر من 82 مليون دولار بينما بيعت هذا العام بما يزيد عن 149 مليون دولار، ويذكر أن فان جوخ عاش فقيرا ومات فقيرا.
الفنان الإيرلندي فرانسيس بيكون "Francis Bacon 1909-1992" الذي اشتهر برسم تشريحي متقن للأشخاص بطريقته التجريدية الخاصة والفريدة في ذات الوقت، حيث دائما ما يضع أشخاصه داخل أقفاص زجاجية أو سميكة مرسومة بمنظور هندسي تختلف أشكاله وانحناؤه من لوحة لأخرى نجد لوحة بمسمى "ثلاث دراسات" وقد تداول بيعها في المزادات العالمية فوصلت قيمتها في عام 2013م الى مبلغ يزيد عن 142 مليون دولار، وبيعت هذا العام في مزاد كريستي بمبلغ يزيد عن 144 مليون دولار.
أوجست بيير رينوار الفنان التأثيري الفرنسي " Pierre-Aguste Renoir 1841-1919" بيعت لوحته "حفل الرقص بالمولان" عام 1990م. بما يزيد على 78مليون دولار، بينما هذا العام وصلت قيمتها إلى أكثر من 141 مليون دولار. ومن هنا يتبين لنا الارتفاع المهول الذي وصلت اليه قيمة هذه الأعمال الفنية، التي أغلبها ينتمي الى الأساليب الفنية الحديثة، كالانطباعية التي ظهرت في القرن التاسع عشر، وصولا إلى التجريدية والتجريدية الرمزية، وتمثل هذه الأعمال المذكورة الذروة من حيث ارتفاع أسعارها في المزادات العالمية سنة بعد سنة ويرجع ذلك إلى مهارة المسوقين لهذه الأعمال من ناحية ومن ناحية أخرى فإن مجال الفن في الماضي يؤثر على الحاضر، كما يؤثر الحاضر في المستقبل، وبهذه الطريقة نستطيع أن نفسر الفروض التي تميز عملا فنيا عن آخر، أو قد نميل إلى النظرية النقدية للفيلسوف والكاتب الفرنسي " هيوليت أدولف تين" حيث فسر في كتابه "فلسفة الفن عام 1880" الذي اتبع مفهوم أن عملية تقييم الأعمال الفنية تقوم على أساس تاريخها وتتابع الحضارات والقوى المادية الناتجة عن هذا التتابع وأن المدارس أو الاتجاهات الفنية المتغيرة هي انعكاس لنظم اجتماعية أو للعادات والتقاليد وحالة الفكر العام السائد لكل عصر ولكل مجتمع.
ومهما حاولنا البحث في تعليل أسباب هذه الأسعار الفلكية التي وصلت إليها هذه الأعمال الفنية هذا العام ونخص بذكر لوحة الفنان "جوجان" فلعلنا لن نحصل على الأسباب التي تشبع فضولنا، ولكن مما لا شك فيه أنها تحلق بخيال كل فنان نحو القادم من إرث يتركه لأحفاده ومن بعدهم.






من أعمال فان جوخ



نساء تاهيتى بول جوجان


من أعمال فرانسيس بيكون



من أعمال بابلو بيكاسو



من أعمال بول سيزان



من أعمال وليام دى كونينج




من أعمال جاك بولك



.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بنت الاجواد #شعر

العود الأزرق والعبير لـ بن جدلان

فرحت لـك .. وأنـا معاليقـي حطـام #شعر