يَا طَيبَةَ الْخَيرِ
يَا طَيبَةَ الْخَيرِ قَلْبي كَيْفَ يَنْسَاكِ
وَقَدْ سَكَنْتِ حَنَايَاهُ بِذِكْرَاكِ
وَكَيْفَ أنْسَى بَهَاءً كَانَ يَأسِرُنِي
فِي مُقْلَتِيكِ وَنُوراً فِي مُحَيَّاكِ
وَ رَوضَةً عَظَّمَ الْهَادِي مَكَانَتَهَا
مَا بَيْنَ حُجْرَتِهِ وَالْمِنْبَرِ الزَّاكِي
أضْفَى عَلَيهَا مِنْ الأَوصَافِ أعْظَمَهَا
فَوَصْفُهَا جَنَّةً أعْلَى مَزَيَاكِ
رِحَابُهَا بِشَذَا الإِيمَانِ مُفْعَمَةٌ
وَ رَوْحُهَا يَلْتَقِي مَعْ نَفْحِ رَيَّاكِ
وَالنُّورُ مِنْهَا سَرَى فِي الكَونِ يَغْمُرُهُ
وَالذِّكْرُ فِيهَا تَلاهُ الْخَاشِعُ الْبَاكِي
أمْضَيتُ فِيهَا مِنْ الأَوقَاتِ أفْضَلَهَا
فَكَيْفَ يَا طَيبَةَ الْمُخْتَارِ أنْسَاكِ
وَاللهِ مَا بَارَحَتْ ذِكْرَاكِ خَاطِرَتِي
وَلا تَمَنَّيتُ سُكْنَى غَيرَ سُكْناكِ
لَكِنَّهُ الْبَيْنُ لا يُبْقِي عَلِى أحَدٍ
إلاَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ جِدِّ فَتَّاكِ
سِهَامُهُ بِالْتِئَامِ الشَّمْلِ فَاتِكَةٌ
وَحُكْمُهُ نَافِذٌ رَغْماً عَلَى الشَاكِي
كَمْ فَرَّقَ الْبَينُ أقْواماً وَشَتَّتَهمْ
وَكَمْ نَأَى عَنْكِ مَنْ قَدْ كَانَ يَهْوَاكِ
لَكِنَّ ذِكْرَاكِ فِي قَلْبِي مُخَلَّدَةٌ
مَا دَامَتِ الرَّوحُ فِي وِجْدَانِ مُضْنَاكِ
يَا مَنْ حَضَنْتِ رَسُولَ اللهِ فِي شَغَفٍ
فَسَرَّهُ مَا رآهُ عَنْدَ لُقْيَاكِ
أَتَى إلَيكِ فَكَان النُّورُ مَقْدَمَهُ
فِي هَالَةٍ بَدْرُهَا الوضَّاءُ وَافَاكِ
ضِياؤُهُ مُشْرِقٌ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ
حَتَّى كَسَاكِ، فَكَانَ النُّورُ إِيَّاكِ
نُورٌ تَجَلَّى وفَجْرٌ ضَاءَ مَطْلَعُهُ
أزَال عَنْكِ ظَلاماً كَانَ يَغْشَاكِ
يَسِيرُ وَالنَّاسُ قَدْ حَفُّوا بِنَاقَتِهِ
وَسِرُّهَا كَانَ مِنْ أسْرَارِ عَلْيَاكِ
فَوقَ الثَّرَى سِيرُهَا لَكِنَّ رَاكِبَهَا
فَوقَ الثُّريَّا رَفِيعاً عِنْدَ مَولاَكِ
يُحِيطُهَا مِنْ بَنِي النَّجَارِ كَوكَبَةٌ
فِي مَشْهَدٍ عَزَّ مَرْآهُ وَمَرْآكِ
جَمِيعُهُمْ دُونَ خَيرِ الْخَلْقِ مُتَّشِحٌ
بِصَارِمٍ عِنْدَ ضَرْبِ الْهَامِ بَتَّاكِ
حَفُّوا بِهِ وَهْوَ مَاضٍ فِي مَسِيرَتِهِ
حَيثُ الْمَكَانُ الذَّي فِي الكَونِ أعْلاكِ
وَبَاتَ ضَيفاً، أَبو أيُّوبَ مُكْرِمُهُ
وَقَلْبُكِ الْمُلْتَقَى وَالدِّفْءُ عَينَاكِ
فَظَلَّ مَا بَينَ ظَهْرَانَيكِ مُبْتَهِجاً
تَرْعَاهُ عَينٌ مِنَ الْمُولَى وَتَرْعَاكِ
فِي مَعْشَرٍ أنْزَلُوهُ فِي حِمَايَتِهِمْ
مِنْ أهْلِكِ الْغُرِّ حَيَّاهُمْ وَحَيَّاكِ
وَمِنْ جَنَى نَخْلِكِ قَدْ كَانَ مَطْعَمُهُ
وَإِنْ ظَمِي فَالشَّرَابُ الْعَذْبُ مِنْ مَاكِ
وَفِي ثَرَاكِ ضَرِيحٌ ضَمَّ أعْظُمَهُ
جَلَّ الذَّّي مِنْ عَظِيمِ الْفَضْلِ أعْطَاكِ
فَمَنْ يُدَانِيكِ يَا حَسْنَاءُ فِي شَرَفٍ
وَسَيِّدُ الْخَلْقِ نِبْرَاسٌ لِمَسْعَاكِ
عَلِيْه أزْكَى سَلامٍ كُلَّمَا طَلَعَتْ
شَمْسٌ، وَمَا غَابَ نَجْمٌ بَينَ أفْلاكِ
.
تعليقات