الشعراء يشكون الثمانين ويتمنونها لممدوحيهم
كتب : عبدالرحيم الأحمدي
لقد أورد الصديق العزيز محمد دخيل العصيمي رحمه الله في الجزء الأول من كتاب: شعراء عتيبة قصيدة للشاعر راشد المحمد آل عبداللطيف من شعراء الزلفي يتنكر فيها للثمانين وقد تجاوزها وأودى به الكبر لدخول مستشفى الملك فهد للحرس الوطني، وزارته إحدى قريباته وقالت تواسيه بما قدم من شجاعة وكرم ومعروف: «الحمد لله أنت أخذت نصيبك من الحياة ولا هناك شيء تأسف عليه ... ولكن شاعرنا تفجرت شاعريته، وقال محتجاً ومنكراً أنه تخطى رحلة الحيوية:
بديت بذكر الله عدد كل ما كان
عد الشجر واعداد رمل الضواحي
واعداد ما نادى المنادي بالآذان
فوق المنابر داعياً للفلاح
قلته وأنا ماني على القيل طربان
لكن فضاني غصب والسَّد باحِ
هكذا يضيق صدره بما قالت المرأة التي كانت تطمئنه بأنه قدم لحياته خيراً. وفي البيت الأخير دلالة على ألمه من الثمانين، فالشاعر يفرح بما يثيره للشعر ويطرب، وهو هنا يدافع عن نفسه ويدفع عنها مشاعر الكبر ليقول:
قلته وأنا ماني على القيل طربان
لكن فضاني غصب والسَّد باحِ
أسباب علم قالته بنت شقران
تكسرت منه الضلوع الصحاحِ
تقول عمرك راح ما فيه رجعان
ولا تناظر للفرج والنجاحِ
والرَّجل لا وصل الثمانين ينهان
مثل البعير اللي ربط بالشياح
لم تقل المرأة ذلك وإنما كانت تواسيه بانجازاته وفضائله، ولكنها مشاعر المريض وحساسيته، فلو قالت له: هيا عاد يا أبو فلان ما فيك إلا العافية .. نبي نروح البر، لما كانت ردود الفعل لديه كما حدث ولما دعاه الدفاع عن نفسه إلى قوله:
خوفي من اللي سامكٍ سبع الاركان
أنا نشيطٍ واتبع اللي يشاحي
واركض مراكيض الفهد وافرس الضان
لو كان والله من وراها متاحي
ولا ينثني عزمي ولو ثار دخان
أصطى عليها جهار وسط المراحِ
ولا انا بمن يسمع هذور وبهتان
خذي كلام من قلوب صحاحِ
واستغفري ثم ادحري كل شيطان
أنا بخير ولا تقولين طاحِ
والذي يشاحي: الذي يتندر للمنافسة والمشاحاة، والمتاحي: الرعاة من المتاحاة وهي نداءات رعاة الأغنام، والمراح: مبيت المواشي وسط المضارب، طاح: طريح الفراش.
وفي الأبيات التالية يبرر لمظاهر معاناته نفياً لأنها تعود للكبر:
وعظامي اللي ترجف تقل عسبان
من التعب ومصارعات اللواحي
ومن شوفتي لفلان وفلان وفلان
عيونهم شهب سواة الرماح
ناس مقاريد غطى قلوبها الران
رجالهم شين وملح ذحاحي
ثم ينتقل ممتدحاً أطباء مستشفى الحرس:
اليوم في خير ورا شمّخ العان
بين الرجال أهل التقى والصلاحِ
دكاتر في مدخل الطب شجعان
كم واحد منهم تعافى وراحِ
إن مراعاة أدب زيارة المريض حالة تفرض التفاؤل والتخفيف عن المريض بما يحب وتجنب ما يثير كوامن النفس المجانفة لمغادرة الحياة.
ولعل كتاب شعراء عتيبة فيه من المتعة والأدبية ما يضع أمام القارئ تاريخ عتيبة الاجتماعي وملامح أطواره وفيه من الأخبار والطرائف ما يثري المعرفة ويمتع النفس.
تعليقات